الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
تفسير سورة الكهف
29658 مشاهدة
حالة قوم أصحاب الكهف

ثم ذكروا حالة قومهم، فقالوا: هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً أي: جعلوا مع الله آلهة، وهو دليل على أن أقوامهم مشركون؛ أن أهليهم وأقوامهم مشركون، وأن الله تعالى مَنَّ على هؤلاء الشباب -هؤلاء الفتية- بالإيمان والتوحيد، فأنكروا على قومهم.
وقالوا: هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ أي: ليس عندهم سلطان، والدليل على أن ما هم عليه حق، أي: من الشرك أو من اتخاذ الآلهة والأنداد التي يعبدونها مع الله. ليس عندهم سلطان يحتجون به. أخبر الله تعالى عنهم بهذه المقالة؛ ليدل على أنهم على التوحيد، يعني: التوحيد الصحيح، التوحيد الصادق.
هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ أي: لا أحد أظلم: مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أخبر بأنهم ذكروا أن من افترى على الله كذبا، وأشرك مع الله، ودعا معه آلهة أخرى؛ فإنه أظلم الظلمة فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا .
ثم يقول تعالى: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ أي: كأنه خطاب من بعضهم لبعض. أي: اذكروا؛ يُذَكِّرون بعضهم؛ إذ اعتزلتم قومكم، واعتزلتم ما يعبدون.
إِلَّا اللَّهَ ما اعتزلتموه. أي: اعتزلتموهم واعتزلتم عباداتهم كلها إلا الله وحده، فتمسكتم بعبادته. وهذا دليل على أن قومهم كسائر المشركين: يعبدون الله، ويعبدون معه غيره ، وهذا معنى الشرك؛ عبادة الله، وعبادة غيره.